مقالات


بيت السحيمي تحفة معمارية تعود للعصر العثماني


من البيوت الأثرية النادرة التي بقيت تقاوم الزمن لنرى من خلالها عبقرية العمارة الإسلامية وفنونها بيت السحيمي. وهو بيت في الحقيقة أقرب إلى القصر لعظم مساحته ورقي عمارته, وقد اعتاد الباحثون والمؤرخون للعمارة الإسلامية أن يذكروا بيت السحيمي في كتبهم على أنه من أفضل البيوت التقليدية التي بقيت لتعطينا فكرة عما كانت علىه البيوت في القاهرة في القرنين السابع عشر والثامن عشر.
يقع بيت السحيمي بالدرب الأصفر وهو درب صغير متفرع من أقدم وأشهر شوارع القاهرة, شارع المعز لدين الله الفاطمي, وعمره يتجاوز الآن أكثر من 350 سنة, حيث يرجع تاريخ بنائه إلى عام (1648م- 1058هـ), وترجع تسمية البيت باسم بيت السحيمي إلى آخر من سكن البيت وجدده وهو الشيخ محمد أمين السحيمي شيخ رواق الأتراك بالأزهر والذي توفي في 7 إبريل عام 1928. وفي عام 1931 اشترت الحكومة المصرية بيت السحيمي من ورثة الشيخ بمبلغ 6 آلاف جنيه,
واعتمدت لترميمه مبلغ ألف جنيه وقد قامت لجنة حفظ الآثار العربية منذ ذلك الحين بترميم البيت أكثر من مرة حيث أنها كانت ضمته إلى قائمة الآثار الهامة منذ 1890 وعملت منذ آل إلى الحكومة على تحويله كمتحف للعمارة التقليدية بالقاهرة. ونظرا لقدم البيت وقلة الامكانيات للقيام بعمليات ترميم دورية له, كانت حالة البيت تسوء وتزداد فيه التشرخات وتفقد مكوناته الزخرفية الجمالية بريقها, إلى أن كان زلزال أكتوبر 1992 الذي كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير بالنسبة للبيت فقد أصابه الكثير من الشروخات فضلاً عما به. وصار يحتاج بشكل ملح للتدخل السريع لترميمه وإنقاذه.
ومنذ شهور قليلة فقط انتهي مشروع توثيق وترميم بيت السحيمي وافتتح البيت كمتحف للعمارة التقليدية بالقاهرة بعد أن تم ترميم البيت على أسس علمية. هذا المشروع الذي يقول عنه د. أسعد نديم أستاذ الثقافة المرئية بالمعهد العالي للفنون الشعبية ومدير مشروع توثيق وترميم بيت السحيمي أن المشروع بدأ باقتراح مني إلى الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي لتقديم منحة لترميم البيت وقد تحول هذا الاقتراح إلى نداء للصندوق بسرعة التدخل لانقاذ بين السحيمي بعد زلزال 1992. حيث وافق الصندوق فعلا على تقديم منحة قدرها ثلاثة ملايين دولار أمريكي لانقاذ هذا الأثر النفيس واختارني الصندوق لأمثله وأكون مديرا لهذا المشروع. ويضيف د. أسعد نديم احتاج بيت السحيمي ليستعيد رونقه الأصلي ولنحفظه متحفا للأجيال المتعاقبة إلى أكثر من ست سنوات من العمل العلمي الدقيق هي مدة المشروع التي بدأ منذ عام (94) إلى شهر ابريل (2000), حيث انتهت أعمال التوثيق والترميم ،

وأعيد افتتاح البيت كمتحف للعمارة التقليدية بالقاهرة. وقد كانت خطتنا في ترميم بيت السحيمي هي القيام بترميم البيت على أساس علمي متكامل وفقاً للقاعدة الأساسية في الترميم وهي المحافظة على العناصر الأثرية وعدم المساس بها أو استبدال شئ بها إلا في حالات الضرورة القصوى التي لامناص منها, وقد كان لابد أن تسبق عملية الترميم وتصاحبها دراسات توثيقية دقيقة لكل عناصر المبنى وقد تكاتفت مجموعة من الاستشاريين والخبراء والهيئات العلمية للقيام بالدراسات والأبحاث المطلوبة كل في مجال تخصصة ثم بعد ذلك بدأت الخطوات التنفيذية لتطبيق نتائج وتوصيات هذه الدراسات في ترميم البيت.
 ويضيف د. أسعد نديم بدأ المشروع بترميم بيت السحيمي وحده, تم توسع فأصبح ترميم وتنمية منطقة فلم يعد يقتصر على ترميم بيت السحيمي وحده, إذ ضم بيت مصطفى جعفر وبيت الخرزاتي وسبيل وكتاب قيطاس, بالاضافة إلى تنمية حارة الدرب الأصفر كلها. فقد تولى المشروع تجديد شبكات المرافق بالكامل وترميم ودهان جميع واجهات مباني الأهالي ورصف الحارة بالحجر, ومحاولة رفع وعي الأهالي بأهمية الآثار المعمارية الإسلامية التي يعيشون في كنفها. السلاملك والحرملك
والداخل إلى بيت السحيمي لابد أن يجتاز رواقا يسمى في عمارة البيوت الإسلامية (بالمجاز) ووظيفته ستر حرمه البيت, ويفضي هذا الرواق إلى فناء أو صحن البيت الذي توزعت فيه أحواض زرعت بالنباتات والأشجار. وصحن البيت من الاركان التي يشترك فيها بيت السحيمي مع غيره من البيوت الإسلامية إذ تنفتح غرف البيت على هذا الصحن بدلا من الانفتاح على الخارج وهذا صونا لحرمة البيت من ناحية وإتقاء للرياح والغبار. وكل المراجع التي وثقت لعمارة بيت السحيمي رأت البيت ينقسم إلى قسمين القسم القبلي وهو القسم الأقدم في البيت وقد بناه الشيخ عبد الوهاب الطبلاوي عام 1648م, والقسم البحري وقد بناه الحاج إسماعيل شلبي في عام 1699م, وقد ربطه بالقسم الأول.
وفي القسم الأول الذي بناه الشيخ الطبلاوي نجد قاعة واسعة ينتظم شكلها كما ينتظم شكل أغلب قاعات البيت المتعددة هذا الشكل الذي ميز القاعات في البيوت والقصور الإسلامية, فهي تنقسم إلى إيوانين يحصران في الوسط مساحة منخفضة عنهما نسبيا يطلق علىها في عمارة البيوت الإسلامية (الرقاعة) وقد رصفت أرضيتها بالرخام الملون, أما جدران القاعة فقد ازدانت بشريط من الكتابة حوى أبياتا من نهج البردة قصيدة البوصيري المشهورة وهو تقليد أيضا نجده في بعض القاعات الآخرى للبيت. أما سقف القاعة فقد كان أيضا مثل باقي قاعات البيت الأخرى مسقوفا بألواح وبراطيم من الخشب كسيت كلها برسومات وزخارف نباتية وهندسية لونت بألوان بديعة ودقيقة.
وقد كانت تستعمل هذه القاعة كمنذرة أو سلاملك يجلس فيها سيد البيت ليستقبل فيها ضيوفه من الرجال ويضايفهم ويقدم لهم فيها الطعام, وهذا ما يفصح عنه أيضا أثاث ومفروشات هذه القاعة التي حرصت الهيئة العلمية التي قامت بالترميم والتنسيق للبيت على أن تفرش أغلب قاعات البيت لنستطيع أن نكون فكرة دقيقة عن عمارة البيوت في القاهرة في القرنين السابع والثامن عشر. فغير الحشايا الفاخرة التي وضعت في الأيوانين ليجلس علىها الرجال, هناك صينية كبيرة من النحاس وضعت على حامل ليقدم علىها الطعام. وأعلى هذه القاعة هناك المقعد وهو ركن آخر كانت تتميز به عمارة البيوت الإسلامية حيث تعتبر القاعة الصيفية لجلوس الرجال فهو مثل القاعة سوى أن له واجهة مكشوفة تنفتح نحو جهة الشمال لتستقبل الهواء العلىل في ليالي الصيف.
وهو ينفتح على صحن البيت ليسر الناظرين بمنظر حديقة البيت أيضا. وسقف المقعد مزدان برسوم نباتية وهندسية أيضا.
فإذا انتقلنا إلى الجزء الذي بناه إسماعيل شلبي سنجد أنه يحتوى في أسفله على قاعة سلاملك مشابهة لقاعة السلاملك في الجزء الذي أنشأه الشيخ الطبلاوي سوى أن قاعة إسماعيل شلبي تمتاز عن قاعة الطبلاوي في أنها أكبر منها في المساحة وأفخم منها في التفاصيل المعمارية والزخرفية التي حوتها. ففي وسط القاعة هناك فسقية بديعة من الرخام المشغول والمخرم وهي على هيئة شمعدان ولها حوض أيضا من الرخام الملون غير هذا فالايوان الذي جهة صحن الدار حوى مشربية كبيرة من خشب الخرط ويقول محمد نصار مفتش الأثار بالبيت أن هذه المشربية وغيرها من المشربيات الأخرى أو المشربيات عموما التي كانت توضع في البيوت في هذا العصر تصنع من خشب يسمى (بالعزيزي) وهو خشب معروف بتحمله للعوامل الطبيعية مثل ماء المطر, ويضيف محمد نصار معلومة جيدة عن المشربيات ان المشربية تزداد متانة مع الزمن فتعشيقات بيادق الخرط فيها تتداخل وتتماسك مع مرور الزمن وهذا يزيدها صلابة وقوة.
ويعلو القاعة سقف مزين بالزخارف النباتية والهندسية تتوسطه قبة صغيرة بها فتحات صغيرة ليدخل منها الهواء والضوء و هذه القبة التي تسمى الشخشيخة من الحلول العبقرية التي توصل إلىها مهندسو المسلمين, فمن المعروف أن الهواء الساخن يصعد إلى أعلى والبارد ينزل إلى أسفل وبالتالي فإن وجود هذه الشخشيخة مع المشربية التي تنفتح على صحن البيت يضمنان التجديد المستمر لهواء القاعة واحتفاظها أيضا بهواء لطيف رطب طوال الوقت.
ومن الجدير بالذكر هنا أن أغلب قاعات بيت السحيمي توجد بها هذه القبة اللطيفة التي كانت غالبا تصنع من الخشب المزخرف من الداخل وتغطى بالجص من الخارج. في هذه القاعة أيضا نجد (الصفة) وهي من السمات المميزة في قاعات البيوت في العمارة الإسلامية وهي عبارة عن رف من الرخام محمول على أعمدة بعقود من الرخام المزخرف أيضا ووظيفة هذه الصفة تبعا لأسمها ليصف علىها أباريق الشراب أو القلل. ومما نجده في هذه القاعة ويتكرر في باقي قاعات البيت الأخرى هذه الدواليب الخشبية التي تدخل في دخلات خاصة في جدران القاعة, والحقيقة إذا كانت الدخلات التي نجدها في بعض الجدران والأركان في عمارة البيوت الإسلامية عملت بقصد التخفيف من سمك الحوائط وكتلتها تخفيفا من حمل هذه الجدران فإن الدواليب الخشبية التي تغطي هذه الدخلات استعملت بقصد حفظ بعض الأشياء من أطباق أو أباريق أو مسرجات أو مانحوه وفي نفس الوقت لاضفاء منظر جمالي على جدران القاعة حيث تتميز هذه الدواليب بالزخارف التي تتصدر واجهاتها.
تجاور هذه القاعة قاعة آخرى لقراءة القرآن وهو تقليد كان متبعا في عمارة البيوت والقصور الإسلامية الكبيرة والضخمة وهو تخصيص قاعة خاصة لقراءة القرآن. حيث نجد فيها كرسياً كبيراً فيه مشغولات خشبية من الخشب الخرط وغالبا كان مخصصا للشيخ الذي يقوم بقراءة القرآن. وينزل من سقف هذه الغرفة تنور كبير من النحاس المشغول إذا لم تكن هناك وسيلة للاضاءة سوى هذه التنانير التي كانت تضئ بالفتيل المغموس في الزيت.
وهناك قاعدة في عمارة البيوت الإسلامية وهي تخصيص الطابق الأرضي لقاعات استقبال الضيوف من الرجال أو لغرف تكون بمثابة مخازن للبيت وهذه القاعدة متحققه بالفعل في بيت السحيمي حيث أننا لا نجد أي قاعات للحريم إلا في الطوابق العلىا من البيت, وتتميز غرف وقاعات الحريم في بيت السحيمي بأن أغلبها غرف داخلية تنفتح بمشرفيات أو مشربيات على صحن البيت.
فيما عدا ذلك فهي لا تختلف كثيرا عن القاعات المخصصة للرجال التي تعرف باسم السلاملك, ومما هو جدير بالذكر أن القاعات والغرف في عمارة البيوت الإسلامية التقليدية تستعمل كغرف للمعيشة وتناول الطعام والنوم في آن واحد وليس هناك غرف مخصصة للنوم فقط كما هو الحال في البيوت الحديثة. ومما تتميز به غرف الحريم في بيت السحيمي النوافذ العلوية المغشاة بالزجاج الملون المعشق بالجص وإن كانت غرف السلاملك يوجد بها بعض النوافذ المغشاة بالزجاج الملون المعشق بالجص إلا أن هذه النوافذ في غرف الحريم يكون عددها أكثر ومساحتها أكبر وصناعتها أدق وأجمل ويكون الزجاج الملون مع الجص في هذه النوافذ اشكالا زخرفية متعددة ومتنوعة فهي تارة على شكل الطبق النجمي وتارة على شكل وردات وزهور وتارة على شكل أغصان نبات وطيور وهي تعطي منظرا شديد الجمال والابداع والرقة للجدران فضلا عن أنه في حالة سطوع الشمس ينفذ الضوء عبر أشكال الزجاج الملون ليسقط على أرضية وأثاث الغرف بشكل بديع جميل.
وغير الدواليب الخشبية التي تدخل في فتحات الجدران والتي يوجد مثيل لها في قاعات السلاملك, نجد هنا في قاعات الحرملك بعض الصناديق الخشبية الفاخرة المطعمة بالصدف والعاج في أشكال هندسية تغطي أغلب جوانب الصناديق الخارجية وغالبا ما كانت توجد هذه الصناديق في غرف الحريم لحفظ الملابس والثياب وما إلىه من حاجيات الحريم الخاصة. ومن درة غرف وقاعات الحريم في بيت السحيمي غرفة كسيت أغلب جدرانها بالقيشاني الأزرق المزخرف بزخارف نباتية دقيقة. ويقول محمد نصار أن هذه مجموعة من إنشاءات إسماعيل شلبي ونشاهد في الغرفة مجموعة من أواني الطعام المصنوعة من الخزف والسراميك الملون المزخرف بزخارف نباتية وبعض هذه الأواني هي نفسها التي كانت تستعمل في البيت حين كان عامرا بأسرة السحيمي.
وبجوار هذه الغرفة توجد غرفة صغيرة جدا يبدو أنها كانت تستعمل كغرفة خزين وقد وضع بها فقرات من سلسلة ظهر حوت وجدت في البيت ويقال أن السحيمي نفسه قد أحضرها كعلاج لعدم الخلفة إذ يقال أن السحيمي كان يعاني من مرض العقم وإن كان هذا الخبر غير مؤكد. ومما هو جدير بالذكر أيضا أن نوعا من المراتب الصغيرة المكسوة بالقطائف المزخرفة هي التي كانت تستخدم للنوم فلا يوجد ضمن اثاث ومفروشات غرف بيت السحيمي أسرة خشبية تستخدم للنوم ويبدو أن هذا كان أيضا تقليدا في بيوت القرن السابع والثامن عشر.
ومن الأشياء اللطيفة التي نجدها في بيت السحيمي حمام البخار وهو الذي يقابل غرفة الساونا الحديثة. وهو عبارة عن غرفة ضيقة أرضيتها مكسوة بالرخام الأبيض وسقفها مقبب به كوات على شكل مربعات ودوائر غشيت بالزجاج الملون حتى ينفذ الضوء من خلالها بأشكال ملونة لطيفة. وهناك مكان يوضع فيه خزان للماء يحيط به موقد لتسخين وتبخير الماء وفي هذا الحمام نجد أيضا حوضاً منحوتاً من قطعة واحدة من الرخام الأبيض المزخرف. وهذه بعض أهم ملامح ومميزات قاعات السكن والاعاشة في بيت السحيمي.
براح الصحن
أما إذا تجولنا في صحن البيت فنجد أن أهم ما يميزه بالاضافة إلى الحديقة النباتية التي تتوسطه مكان مخصص لجلوس الرجال يسمى (التختبوش) وضعت فيه تخت أو دكك خشبية لطيفة زينت بأشغال من خشب الخرط وغالبا ما كانت البيوت الإسلامية التقليدية تحتوي اما المقعد اما التختبوش على أساس انهما يقومان بوظيفة واحدة تقريبا, أما احتواء بيت السحيمي على الاثنين معا يدل على ثراء الأسر التي سكنت البيت وثراء البيت بمكوناته المعمارية المختلفة.
ومن المعالم الجديرة بالذكر في صحن بيت السحيمي شجرتان عمرهما من عمر بداية إنشاء البيت أي أكثر من 350 سنة إحداهما شجرة زيتون مازالت أوراقها خضراء يانعة والثانية شجرة سدر (نبق) مازالت حية أيضا. ويحوي بيت السحيمي أكثر من ثلاثة آبار كانت توفر المياه للأسر التي سكنت البيت بالاضافة إلى هذا الفناء الأمامي للبيت يوجد هناك فناء خلفي يحوي ساقية لري الحديقة ومازال ترسها الخشبي موجودا إلى الآن, يحوي هذا الفناء الخلفي أيضا طاحونة لطحن الحبوب ومستلزماتها من الصوامع الفخارية والحجرية لحفظ الحبوب المختلفة وكانت هذه الطاحون تدور عن طريق ثور أو بغل يربط بها. وتذكر أغلب المراجع التي وثقت لبيت السحيمي أن مساحة البيت تزيد عن 2000 متر مربع.
ويقول د. أسعد نديم أن عمر البيت لا يتجاوز 350 سنة إلا أن موقعة كان عامرا بالمباني منذ بناء القاهرة في العصر الفاطمي وقد وجد من خلال حفريات قام بها مشروع توثيق وترميم البيت في أحواش المنزل أن البناء الحالي يقوم فوق انقاض وبقايا مبان أقدم منه قد ترجع إلى العصر الفاطمي حيث كان المكان موقعا للمنحر (المذبح).

//////////////////////////////////////////////////////////
العُملات والنقود الإسلامية


النقود الإسلامية
أسهمت العقيدة الإسلامية بقسط كبير في تطور صناعة السكة في العالم الإسلامي بفضل اهتمام الشريعة الإسلامية بالنقود، لكونها تدخل في ميدان العبادات وتحدد المعاملات، لصلتها المباشرة والوثيقة بالزكاة والصَّداق والعقود والوقف والعقوبات والدِّية وغيرها.
العُملات والنقود الإسلامية يُطلق عليها لفظ السكة الذي يعبِّر عن معان متعددة تدور كلها حول النقود التي تعاملت بها الشعوب العربية والإسلامية من دنانير ذهبية ودراهم فضية وفلوس نحاسية.

يقصد بلفظ السِّكة أحيانًا تلك النقوش التي تزين بها هذه النقود على اختلاف أنواعها. وأحيانًا أخرى يعني قوالب السك التي يُختم بها على العملة المتداولة،كما يطلق أيضًا على الوظيفة التي تقوم على سك العملة تحت إشراف الدولة.

ويقدم العلامة العربي ابن خلدون تعريفًا جامعًا للسكة فيقول: ¸السكة هي الختم على الدنانير والدراهم المتعامل بها بين الناس بطابع حديد، يُنقش فيها صور وكلمات مقلوبة، ويضرب بها على الدينار والدرهم، فتخرج رسوم تلك النقوش عليها ظاهرة مستقيمة، إذ يُعتبر عيار النقد من ذلك الجنس في خلوصه بالسبك مرة بعد أخرى، وبعد تقدير أشخاص الدرهم والدينار بوزن معين يُصطلح عليه، فيكون التعامل بها عددًا. وإذا لم تُقدَّر أشخاصُها يكون التعامل بها وزنًا•.

والسكة تعد مظهرًا من مظاهر سلطة الخليفة أو السلطان أو الحاكم، إلى جانب كونها وثائق رسمية لا يمكن الطعن فيها أو مصدرًا من مصادر التاريخ، تساعد على استنباط الحقائق التاريخية، سواء ما يتعلق منها بالأسماء أو العبارات الدينية المنقوشة عليها، إلى جانب كونها سجلاً للألقاب والنعوت التي تلقي الضوء على كثير من الأحداث السياسية التي تثبت أو تنفي تبعية الولاة أو السلاطين للخلافة أو للحكومات المركزية في التاريخ الإسلامي.

ولذلك تعد النقود التي سُكت في صدر الإسلام في دمشق وبغداد والقاهرة مستندات رسمية تؤكد على الوحدة السياسية والاقتصادية للعالم العربي.

وقد أسهمت العقيدة الإسلامية بقسط كبير في تطور صناعة السكة في العالم الإسلامي بفضل اهتمام الشريعة الإسلامية بالنقود، لكونها تدخل في ميدان العبادات وتحدد المعاملات، وذلك لصلاتها المباشرة والوثيقة بالزكاة والصداق والعقود والوقف والعقوبات والدية وغيرها.

كما ارتبطت السكة ارتباطًا وثيقًا بالفنون الإسلامية، حيث تساعد نقوشها في التعرف على الكتابات الأثرية المنقوشة عليها ودراسة دلالاتها السياسية والتاريخية والعقائدية إلى جانب كونها مصدرًا مهمًا للتعرف على أسماء البلاد والأماكن التي ضُربت فيها، كذلك تفيد دراسة السكة في إلقاء الضوء على حالة العالم الإسلامي الاقتصادية عبر العصور التاريخية من خلال التعرف على قيمة العيار في السكة ومقدار وزنها.


وقد عُرفت الأماكن التي تُسك فيها النقود العربية في حواضر العالم الإسلامي في العصور الوسطى باسم دار السكة أو دار الضَّرْب.

وهي على هيئة منشأة صناعية تتبع السلطان أو الحاكم وتقوم بإصدار عملات نقدية ذهبية أو فضية أو نحاسية أو برونزية.

وكانت دار السكة إبان الفتح الإسلامي يغلب عليها الطابع البيزنطي والفارسي، إلى أن قام الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان عام 74هـ/694م بتعريب السكة وإنشاء دور إسلامية جديدة لضرب العملة في عدد من حواضر العالم الإسلامي، منها الشام والعراق ومصر وبلاد فارس.

ومنذ ذلك الوقت لم تعد النقود العربية تدور في فلك النقود البيزنطية أو الفارسية، أو ترتبط بأسعارها وأوزانها. وحملت كل من الشام ومصر مشعل الإصلاح النقدي الذي أضاءته العاصمة الأموية في عهد الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان.

وقد حدث تفاوت كبير بالزيادة أو النقص في النقود العربية المتداولة في مختلف العصور الإسلامية، مما استدعى حلاً لهذا التفاوت عند تطبيق القواعد الفقهية المتعلقة بالشؤون المالية. والوقوف على التطور التاريخي للنقود العربية.
وأوزانها وعيارها وقيمتها يساعد على إيجاد هذه الحلول عند تعيين النصاب الشرعي بالنقود المتداولة.

وتندرج دراسة النقود في العلوم الحديثة تحت اسم علم النُّمِّيَّات. وهو العلم الذي يبحث في النقود والأوزان والأختام والأنواط.

النقود المتداولة في الجزيرة العربية قبل الإسلام وبعده :
العملات و النقود الإسلامية
لم يكن للعرب قبل الإسلام نقود خاصة بهم، فكانت المعاملات التجارية تتمُّ بالنقود المتداولة في شبه الجزيرة العربية. وقد أشار القرآن الكريم إلى الرحلات التجارية التي كان يقوم بها العرب حيث كانت لهم رحلتان تجاريتان رئيسيتان: رحلة صيفية إلى الشام يحصلون منها على الدنانير الرومية، ورحلة شتوية إلى اليمن يحصلون منها على الدراهم الحميرية.كما كانت ترد إلى شبه الجزيرة العربية الدراهم الفضية التي كانت تُضرب في الأقاليم الشرقية وخاصة في إيران والعراق.

وهكذا كانت العمليات التجارية تجلب إلى بلاد العرب كمية النقود المتداولة بينهم سواء النقود الذهبية البيزنطية أو النقود الفضية الفارسية.

ويذكر البلاذري في كتابه فتوح البلدان أن العرب كانوا يتبايعون بالدنانير على أنها تبر، ويطلقون عليها العين كما يطلقون على الدراهم الفضية كلمة الوَرِق.

فلما جاء الإسلام أقر الرسول الكريم محمد ³ النقود على ما كانت عليه، وتعامل الرسول الكريم نفسه ³ بهذه النقود فزوج عَليَّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، ابنته فاطمة الزهراء على 480 درهمًا، وكذلك فرض الرسول ³ زكاة الأموال بهذه النقود السائدة فجعل في كل خمس أوقيات من الفضة خمسة دراهم، كما جعل في كل عشرين دينارًا نصف دينار، وبعد وفاة الرسول ³ أقر الخليفة أبو بكر الصديق بسنة الرسول ³ في تبني النقود المتداولة بين المسلمين ولم يغير منها شيئًا.

الدِّينار. لفظ مشتق من اللفظ اليوناني اللاتيني دينوريوس أوريس وتعني (الدينار الذهبي) وهو اسم وحدة من وحدات السك الذهبية، وقد عرف العرب هذه العملة الرومانية، وتعاملوا بها قبل الإسلام وبعده.

وقد أدى الدينار البيزنطي دورًا كبيرًا في تاريخ العملة عامة والإسلامية خاصة، وكان شكله المتداول في الجزيرة العربية قبل تعريب السكة في عهد الخليفة الأموي عبدالملك ابن مروان، قطعة مستديرة من الذهب، تحمل على أحد وجهيها صورة الإمبراطور البيزنطي هرقل، ويحيط به ولداه هرقليوناس وقسطنطين، وقد قبض كل منهما على صليب طويل. أما ظهر الدينار فكان عليه رسم لصليب قائم على مدرجات أربعة تحيط به عبارات دعاء والإشارة إلى مكان الضرب بالحروف اليونانية واللاتينية.

وقد ورد ذكر الدينار في القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿ ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك﴾ آل عمران: 75 ولم يمس الإصلاح النقدي الذي قام به الخليفة عبدالملك بن مروان عيار الدينار، وإنما عمل على ضبط وزنه عن طريق صُنُجٍٍ زجاجية يستحيل أن تقبل زيادة أو نقصان، وأصبح الوزن الشرعي للدينار الإسلامي منذ تعريبه هو 4,25جم.

وأقدم الدنانير العربية تلك التي ضربها الخليفة عبدالملك بن مروان ونقش صورته عليها في عام 74هـ. وقد ظلت مضاعفات الدينار وكسوره مستعملة في جميع البلاد الإسلامية منذ فجر الإسلام، كما شاع في مدينة صقلية في عصر الخلافة الفاطمية ضرب أرباع الدنانير.

الدرهم. وحدة من وحدات السِّكة الفضية، وقد اشتُق اسمه من الدْراخمة اليونانية، وقد عرفه العرب عن طريق معاملاتهم التجارية مع الأقاليم الشرقية التي كانت تتبع قاعدة الفضة في نظامها النقدي، وعلى ذلك اتخذت من الدرهم الفضة نقدها الرئيسي.

وقد كانت أشكال الدراهم الساسانية المتداولة في بلاد العرب قبل التعريب قطعة مستديرة من الفضة على أحد وجهيها نقش يمثل الجزء العلوي منه صورة كسرى الفرس، ويظهر وجهه في وضع جانبي وعلى رأسه التاج الساساني المجنَّح، وعلى الوجه الثاني للدرهم نقش لحارسين مدججين بالسلاح أو بدونه بينهما معبد النار، الذي يسهران على خدمته وحراسته. وتشير الكتابات البهلوية المنقوشة على الدراهم إلى اسم الملك إلى جانب عبارات دعائية له ولأسرته، وعلى الإطار الخارجي للدرهم توجد ثلاثة أو أربعة أَهلَّة وفي داخل كل هلال نجمة إشارة إلى كوكب الزهرة عند تقابله مع القمر، وهو رمز للرخاء عند الشرقيين.

وقد أشار القرآن الكريم إلى الدراهم بوصفها وحدات نقدية، قال تعالى: ﴿وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين﴾ يوسف: 20.

وقد حافظ الإصلاح النقدي في العصر الأموي على عيار الدرهم، حيث كان يمثل7/10من وحدة الدينار، ومن ثم كان وزنه الشرعي 2,97جم، وقد خضع هذا الوزن لعدة تغيرات كبيرة عبر العصور التاريخية نتيجة للظروف السياسية والاقتصادية التي كانت تؤثِّر بدرجة كبيرة في وزن العملة وقيمة العيار.

الفلس. كلمة يونانية مشتقة من اللفظ اللاتيني Follis، وهو اسم وحدة من وحدات السكة النحاسية، وقد عرفه العرب عن طريق معاملاتهم التجارية مع البيزنطيين، ولم يكن للفلس وزن واحد، حيث كان يختلف وزنه من إقليم إلى آخر، وإن كانت النسبة الشرعية بين الفلوس والدراهم معروفة، وهي 1/48.

والأصل في ضرب هذا النوع من النقود النحاسية أن تكون عملة العمليات التجارية بسيطة. ولم يمنع ذلك العرب من الاهتمام بها وبنقوشها وأوزانها ووضعوا من أجل وزنها صُنُجًا زجاجية خاصة مقدرة بالقراريط والخراريب (الخرُّوبة في اصطلاح الصَّاغة: حبة الخرُّوب يُوزن بها).

وكان شكل الفلس قبل التعريب مستدير الشكل، نقش على أحد وجهيه صورة هرقل وعلى الوجه الآخر نقشت عبارات وإشارات نصرانية.

الطراز العربي للعملة الإسلامية :
أشارت المصادر التاريخية إلى المحاولات الأولى المبكرة التي قام بها الخليفة عمر بن الخطاب في 18هـ لضرب الدراهم الإسلامية على غرار الدراهم الفارسية، بعد أن زاد فيها عبارة الحمد لله أو محمد رسـول الله أو لا إله إلا الله وحده، كما أشارت المصادر إلى ضرب الخليفة عثمان بن عفان في عام 42هـ للدراهم بعد أن زاد فيها عبارة التكبير الله أكبر. كذلك قام الخليفة معاوية بن أبي سفيان (41 - 60هـ )بضرب الدراهم ونقش عليها اسمه. ويحتفظ المتحف البريطاني بلندن بنماذج من دراهم معاوية. كذلك ينسب بعض المؤرخين إلى معاوية بن أبي سفيان ضربه لدنانير ذهبية نقش عليها صورته وهو متقلد سيفه، وإذا صح هذا، يكون معاوية هو أول من ضرب صورته في العملات والنقود الإسلامية.

ويذكر المؤرخ المقريزي في كتابه شذرات العقود أن الدراهم الإسلامية المبكرة كانت غليظة قصيرة إلى أن جاء عبدالله بن الزبير في عام 61هـ وضرب الدراهم المستديرة، وقد نقش على أحد وجهيها عبارة محمد رسول الله، وعلى الوجه الآخر عبارة أمر الله بالوفاء.

وقد ظل التعامل بالنقود الرومية والفارسية قائمًا، ولم تمنع تلك المحاولات السابقة من تداولها، إلى أن جاء الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان في عام 74هـ وضرب النقود الإسلامية الخالصة التي خلت تمامًا من النقوش والشارات والرموز الفارسية والرومية. وقد هدد الخليفة عبدالملك بالقتل كل من يتعامل بغير النقود الإسلامية، وبعث بالسكة أي (الحديدة المنقوشة) التي تُضرب عليها الدنانير والدراهم إلى أرجاء الدولة الإسلامية لتستخدم في عمل النقود، وقد نُقش على أحد وجهي الدينار أو الدرهم عبارة لا إله إلا الله وحده لا شريك له وعلى الوجه الآخر سورة الإخلاص ﴿قل هو الله أحد ¦ الله الصمد; لم يلد ولم يولد ¦ ولم يكن له كفوًا أحد﴾ .

وعلى الإطار الخارجي نقش الآية الكريمة ﴿هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله﴾ التوبة: 33، الفتح: 28، الصف: 9. وعلى إطار الوجه الآخر نقش تاريخ الضرب ونصه ¸بسم الله ضُرب هذا الدينار أو الدرهم في سنة....•.

وعلى ذلك يعد الخليفة عبدالملك بن مروان هو أول من اتخذ عملة رسمية من الذهب والفضة لا يجوز التعامل بغيرها، ولذا لم يختلف المؤرخون العرب في نسبة الطراز العربي للسكة الإسلامية إلى الخليفة عبدالملك بقدر اختلافهم في الدافع الذي أدى به إلى عملية التعريب.

وقد أشارت المصادر التاريخية إلى السبب الذي دفع الخليفة عبدالملك إلى تعريب النقود، وهو التحدي الذي حدث من إمبراطور الروم جستنيان الثاني للخليفة عبدالملك بن مروان حين أمر الأخير بحذف العبارات البيزنطية المكتوبة على أوراق البردي المصدَّرة من مصر إلى بيزنطة. وعلى إثر ذلك أشار عليه أهل الرأي أن يضرب نقودًا عربية خالصة عليها شهادة التوحيد والرسالة المحمدية.

واستحسن الخليفة عبدالملك هذا الرأي وأمر بضرب النقود العربية، وصب صُنُجًا زجاجية لا تستحيل إلى زيادة أو نقصان لتعيَّر عليها هذه النقود وتضبط أوزانها، وكان في هذا أبلغ رد على تحدي الإمبراطور البيزنطي.

ومهما كانت مصداقية تلك القصة، فهي لا تنفي العمل الكبير الذي توصل إليه الخليفة عبدالملك بن مروان في تحرير دور السكة من قبضة الفرس والروم، وأنهى بذلك سيطرة السكة الفارسية والرومية على الاقتصاد الإسلامي. ومنذ ذلك الوقت لم تعد السكة الإسلامية تدور في فلك النقود البيزنطية أو الفارسية أو ترتبط بأسعارها أو أوزانها.

السِّكة في العصر الأموي :
عبدالملك بن مروان والعملة الإسلامية. كان من أهم مظاهر تعريب السِّكة هو استبدال الخليفة عبدالملك بن مروان صورته هو بصورة هرقل وولديه التي كانت تنقش على الدنانير والفلوس البيزنطية، مع الإبقاء على بعض التأثيرات البيزنطية البسيطة. وأصبح شكل الدينار الإسلامي يحتوي على صورة الخليفة عبدالملك وهو قابض سيفه بيده.

أثر ضرب العملة الإسلامية على الإمبراطورية البيزنطية. كان من نتائج ضرب الخليفة عبدالملك بن مروان للدنانير التي تحمل صورته أن حدث نزاع حاد بين الإمبراطور البيزنطي وبين الخليفة الأموي؛ إذ كان ضرب نقود ذهبية بصورة حاكم آخر غير الإمبراطور البيزنطي، أمرًا لم يجرؤ عليه أحد من الخلفاء قبل عبد الملك بن مروان، وقد كان الإمبراطور جستنيان يدافع عن هذا الحق باعتباره قاعدة عامة يجب احترامها، ولذلك عارض جستنيان هذا الطراز من الدنانير العربية الإسلامية، وقام بفسخ المعاهدة المبرمة بين البيزنطيين والعرب، التي كان العرب يدفعون بموجبها الإتاوة السنوية إلى إمبراطور بيزنطة بالدنانير البيزنطية. ولكن، بعد ضرب الخليفة عبدالملك بن مروان للدنانير الذهبية بصورته سيكون لازمًا على الإمبراطور البيزنطي قبولها أو رفضها، وكان من الطبيعي أن يرفض الإمبراطور البيزنطي عُملة تقدَّم بصورة خليفة مسلم.

ومن الجدير بالذكر أن العملة والنقود العربية التي تزينها صورة الخليفة الأموي كانت خطوة كبيرة في سبيل الإصلاح النقدي للدولة الإسلامية.

وقد استغرقت هذه الإصلاحات أربع سنوات منذ عام 73هـ، وهو تاريخ فسخ المعاهدة البيزنطية العربية. وتمت أهداف عملية تعريب العملة والنقود تمامًا في عام 77هـ ؛حيث احتلت الكتابات العربية وجهي الدينار العربي الإسلامي، واختفت الدنانير المصورة، وأصبح الطراز الإسلامي للدينار العربي يتكون من واجهة نُقش على إطارها الخارجي عبارة تشير إلى الرسالة المحمدية نصها: ¸محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله•، وفي مركز وجه الدينار نُقشت شهادة التوحيد ونصها ¸لا إله إلا الله وحده لا شريك له•، وعلى ظهر الدينار نُقش في الإطار الخارجي كتابة تشير إلى تاريخ الضرب نصها:¸ بسم الله ضرب هذا الدينار سنة سبع وسبعين•، وفي مركز ظهر الدينار نقشت ثلاثة أسطر من القرآن الكريم من سورة الإخلاص: ﴿ الله أحد ¦ الله الصمد ¦ لم يلد ولم يولد﴾ .
وهكذا نجح الخليفة عبدالملك في تعريب النقود الإسلامية تعريبًا كاملاً وأقر بذلك عهودًا جديدة من الاستقرار المالي للدولة الإسلامية.

أماكن دور ضرب العملة والنقود الإسلامية في العصر الأموي. خص الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان مصر ودمشق بضرب الدنانير الذهبية الجديدة، ولم يسمح بضربها في غيرهما، وأمر دور الضرب فيهما أن يكون الوزن الشرعي للدينار 4,25جم، وصب صُنُجًا زجاجية، لا تقبل الزيادة أو النقصان من أجل عيار العملة والنقود الجديدة وضبط وزنها.

وكان من الصعب التمييز بين الدنانير الذهبية التي ضُربت في مصر، وبين تلك التي تضرب في دمشق في العصر الأموي؛ بسبب وحدة الطراز الذي كانت تُضرب به العملة فيهما، ولكن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة للنقود من الفلوس المعرّبة، حيث أصبح يسجل عليها اسم الوالي أو عامل الخراج الذي ضُربت النقود على يديه، كما كان يحمل الفلس اسم مكان السَّك. ويحتفظ المتحف البريطاني بلندن بفلس من النحاس نُقش عليه اسم الخليفة عبدالملك وصورته، وهو واقف وتحيط برأسه كوفية، ويقبض بيده على سيفه. وحول صورة عبدالملك كتابة نصها : ¸لعبدالله عبدالملك أمير المؤمنين•.

ويُعد هذا الفلس نقطة التحول إلى الفلوس المعربة؛ حيث ظهرت بعد ذلك سلسلة من النقود البرونزية في مصر في العصر الأموي كشفت عنها حفريات مدينة الفسطاط. ويحتفظ متحف الفن الإسلامي بالقاهرة بالعديد من تلك القطع التي تحمل أسماء الولاة وعمال الخراج الذين تولوا أعمالهم في مصر.

ومن أمثلة هذه الفلوس فلس باسم القاسم بن عبيدالله عامل خراج مصر (116ـ 124هـ) وفلس آخر باسم عبدالملك بن مروان والي مصر في (131 ـ 132هـ).

أما العملة الفضية في العصر الأموي، فقد وصلت إلينا مجموعة كبيرة منها معظمها ضُرب في دمشق، عليها اسم دار الضرب ونصها ضَرْب دمشق أو ضَرْب الكوفة. وفي عام 84هـ وصلنا درهم ضُرب في مدينة واسط بالعراق. وقد حملت جميع الدراهم الأموية اسم دار السََّّك.
العُمْلة في العصر العباسي :

بعد انتقال الخلافة للعباسيين في سنة 132هـ، انتقلت السلطة من الشام إلى العراق. وبما أن العملة تعد رمزًا للأسرة الحاكمة في العصر الإسلامي؛ فقد أمر الخليفة أبو العباس بإزالة شعار الأمويين من نقوش العملة، فاستبدل بسورة الإخلاص من ظهر العملة عبارة نصها: ¸محمد رسول الله•.

وفيما عدا ذلك استمر استعمال النقوش القرآنية بالخط الكوفي على الدنانير الجديدة، كما حافظ العباسيون في بداية الأمر على استمرار ضرب الدنانير الذهبية في كل من مصر ودمشق حتى عام 198هـ، حيث بدأت الإشارات الأولى نحو التغير تظهر على العملة العباسية منذ عهد الخليفة المهدي الذي أمر بنقش علامات منقوطة، أو حروف تفيد بضبط العملة وتحديد صلاحيتها للتدوال.

وفي عهد الخليفة هارون الرشيد، سُكَّت دنانير نادرة في دور الضرب ببغداد والفسطاط. وفي عهد الرشيد أيضًا 170 ـ 193هـ، حدث تطور رئيسي في نظام السَّك؛ حيث أمر أن ينقش اسمه واسم ابنه الأمين على العملة الذهبية. وقد شجع هذا النظام الإداري الجديد الولاة والعمال في الأمصار على نقش أسمائهم، فظهرت لأول مرة أسماء ولاة مصر على الدنانير الذهبية، ومن أمثلتها الدينار الذي يحمل اسم الأمير علي بن سليمان بن علي العباسي، الذي تولى أمر مصر 169-171هـ. وقد أحدث هذا التغير أثرًا سلبيًا على العملة العباسية وبخاصة الدنانير الذهبية؛ حيث بدأ حجمها يكبر وسمكها يقل، وأصبحت الكتابات تنقش على الهامش في سطرين عوضًا عن سطر واحد، وأصبح الخط الكوفي أكثر رشاقة.

وفي الفترة (218-234هـ، 833-848م)، لم تحدث أي تغيرات مرسومة على العملة العباسية لا من ناحية النقوش ولا من ناحية الكتابات.

وأصبحت عملة المأمون هي العملة القياسية حيث كان شكل دينار المأمون يشتمل على وجه نقش في مركزه (لا إله إلا الله وحده لا شريك له)، وعلى الإطار الداخلي (بسم الله ضُرب هذا الدينار في…). وعلى الإطار الخارجي (لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله). وعلى ظهر الدينار في داخل المركز نُقشت عبارة نصها (محمد رسول الله ـ للمأمون ـ مما أمر به الأمير رضا ولي عهد المسلمين علي بن موسى بن علي بن أبي طالب).

ومع ضعف الخلافة العباسية حدثت، تغيرات جوهرية في العملة، نتج عنها اختلاف أوزانها ونقاوة سبائكها بالقياس إلى المستوى العالي الذي كانت عليه في السنوات الأولى للخلافة. وقد يُعزى هذا التغيُّر إلى تقلص نفوذ الخليفة، وتردي مستويات الموظفين الموكل إليهم أمر دور السَّك، وتدهور الوضع الاقتصادي للدولة. وقد أرُغِم الخليفة على نقش أسماء الولاة وأولياء العهود وإخوتهم الأقوياء والقادة والوزراء ممن كان لهم عليه سطوة وسلطان، كما أخذ حكام الدويلات التي انفصلت عن الخلافة العباسية وأصبحت شبه مستقلة، مثل الدولة الطولونية في مصر ودولة الصفاريين والساجيين والسامانيين في فارس والإخشيديين في فلسطين، يضربون أسماءهم على العملة العباسية بينما أصبحت سيادة الخليفة بالاسم فقط. وبدراسة هذه الدنانير، يمكن التعرف على الدويلات الجديدة المستقلة عن الخلافة وتتابع تاريخ إنشائها وانتهائها.

العملة الأندلسية :
أبقى العرب في الأندلس إبان الفتح الإسلامي لها على التعامل بالنقود البيزنطية، ذات النقوش والشارات والرموز النصرانية، وذلك عملاً بسياسة التسامح التي اتبعها العرب مع سكان البلاد التي فتحوها، وهذا ما تؤكده مجموعة النقود التي ضربت في عهد موسى بن نصير (ت 97هـ، 715م).

ومع تثبيت أركان الدولة الإسلامية الجديدة في الأندلس، بدأ العرب بضرب دينار جديد عام 98هـ، 717م، يحمل على أحد وجهيه كتابات عربية تشتمل على الشهادة مكتوبة في وسط الدينار ونصها محمد رسول الله، وعلى الإطار نقش كتابي نصه ضُرب هذا الدينار في الأندلس سنة ثمانٍ وتسعين. أما ظهر الدينار فكان يحمل نقشًا لاتينيًا. ويلاحظ من تاريخ الدينار السابق أنه متأخر في تعريبه عن مثيله في المشرق الذي عُرِّب في عام 73هـ، 692م على يد الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان. وفي الواقع فإنَّ هذا الأمر ليس فيه غرابة؛ إذ يتفق مع طبيعة التدرج، حيث لم يحبذ الضارب المسلم للسَّكة أن يُفاجأ أهل البلاد بعملة جديدة تمامًا، وإنما سار بالتدرج المعقول، حتى يصل إلى ضرب عملة إسلامية خالصة في فترة قصيرة لم تتجاوز ربع القرن. ومن الجدير بالذكر أن الدينار العربي اللاتيني النقش لم يظهر إلا في الأندلس خاصة، وهذا يرجع إلى معرفة أهل البلاد من الأسبان بالرموز اللاتينية إلى جانب أن لهجتهم كانت مشتقة من اللغة اللاتينية نفسها.

وفي عام (103هـ،720م)، ظهرت أول عُملة ذهبية إسلامية في الأندلس، وقد سُكَّت على طراز الدينار المغربي الذي كان قد ضرب في السنة السابقة بمدينة إفريقية (تونس حاليًا). وكانت النقود الأندلسية الأسبانية المضروبة في الأندلس قبل عام (114هـ، 732م)، تحمل اسم دار الضرب الأندلسي، وهي قطع نادرة الوجود.

ومن الجدير بالذكر أنه لم تصل إلينا أية عُملات من بداية الحكم الأموي في الأندلس؛ وقد يعلل ذلك أن الأمير عبدالرحمن الداخل اكتفى باستعمال العُملات التي كانت متداولة في الأندلس إبان دخوله إليها، ويحتفظ متحف أشمولين بمدينة أكسفورد بقطعة نادرة في شكل دينار مؤرخ بعام 116هـ، 734م من ضَرْب الأندلس. وتأتي أهمية هذا الدينار لكونه يمثل آخر عملة ذهبية أندلسية معروفة، حيث توقف بعدها السك إلى حوالي قرنين من الزمان.

وأول عُملة ذهبية جديدة ظهرت في الأندلس بعد ذلك، كانت في عهد الخليفة عبدالرحمن الثالث عام (317هـ، 929م)، وهو أول من انشق على الخلافة العباسية، وأعلن نفسه خليفة على الأندلس. ومنذ عام 317هـ، 929م وحتى نهاية الحكم الأموي في الأندلس، كانت أسماء وألقاب الحكام تنقش على ظهر العملة إلى جانب اسم دار الضرب وسنتها، وكانت من أهم أماكن الضرب الأندلسية حينذاك مدينة قرطبة وبلنسية وغرناطة وشاطبة ومالقة ومرسية والجزيرة الخضراء وأشبيليا.

وبعد ضعف الخلافة الأموية في الأندلس في حوالي (400هـ، 1010م)، بدأ الحكام الأندلسيون بضرب عملاتهم الخاصة. وكان الكثير منها يضرب على الطراز الأموي إلى درجة أن بعض الأمراء قام بنقش اسم خليفة سابق، قد انتهت مدة خلافته على العملة.

وفي عصر ملوك الطوائف، مثل بني عباد في أشبيليا وبني الأفطس ببطليوس، وبني ذي نون بطليطلة، وبني جهْور بقرطبة، وبني حيُّوس بغرناطة، أخذ هؤلاء بوضع أسمائهم وألقابهم على العملة التي كان معظمها كسور الدنانير. وكان يعيب دنانير تلك الفترة أنها كانت تُضرب بنوع رديء من الذهب، مما يدل على تدهور الحالة الاقتصادية والسياسية حينذاك.

أما فترة حكم المرابطين في الأندلس، فقد شهدت ازدهارًا ملموسًا في سك النقود وكان الدافع إلى ذلك هو التنافس الكبير بين ملوك المسلمين والملوك النصارى، لدرجة أن الملك ألفونس الثامن أمر بضرب عُملات تحمل نقوشًا عربية على غرار طراز عملة أمراء مرسية.

ومن الجدير بالذكر أن دور الضرب الأندلسية قد انتعشت انتعاشًا كبيرًا على يد الأمير علي بن يوسف بن تاشفين المرابطي، حيث وصلت إلينا عُملات ضُربت في جميع مدن الأندلس منها المرية، غرناطة، قرطبة، أشبيليا، مرسية، مالقة، دانية، شاطبة، نول لمطة وغيرها.

وفي عصر الموحدين تميزت العملة بارتفاع قيمتها وبصفة خاصة الدينار المؤمني والدرهم المؤمني، نسبة إلى الخليفة الموحِّدي عبدالمؤمن بن علي. وأهم ما كان يميز الدينار الموحدي هو شكله المربع الذي أمر بسكه المهدي محمد بن تومرت مؤسس الدولة الموحِّدية، كذلك سك كل من الخليفة يوسف بن عبدالمؤمن وولده الخليفة يعقوب المنصور بالأندلس عملة ثقيلة ضربت في أشبيليا وقرطبة وغرناطة ومالقة والمرية. وبهزيمة الموحدين في معركة العُقاب بالأندلس أمام جيوش الأسبان، تقلص دور المسلمين الدفاعي هناك، مما ساعد على سقوط معظم مدن الأندلس في يد الأسبان، مثل مدينة قرطبة وأشبيليا ومالقة ومرسية، وغيرها. ولم يبق من ديار الإسلام في الأندلس إلا مملكة غرناطة العربية التي كان يحكمها بنو نصر آخر الملوك المسلمين بالأندلس، وتعد عُملاتهم آخر العُملات الإسلامية التي ضُربت في الأندلس. وقد تميزت عُملات بني نصر، بأنها كانت تضرب بعناية، إلى جانب أنها كانت متأثرة بالأسلوب المغربي الثقيل. وقد اشتملت عُملات بني نصر على نقوش عديدة تضمنت آيات من الذِّكر الحكيم، إلى جانب اسم الحاكم دون أن يضرب عليها سنة السك، وأكثر ما يميز العُملة في عهد بني نصر هو شعار: ¸لا غالب إلا الله• أما أهم دور الضرب في عهدهم فكانت مدينة غرناطة باعتبارها آخر معاقل المسلمين في الأندلس.

العُملات الفاطمية :
ضرب الخلفاء الفاطميون الدنانير الذهبية بأسمائهم ونقشوا عليها العبارات الشيعية، كما ابتدع الفاطميون نوعًا من النقود التذكارية الذهبية صغيرة الحجم خفيفة الوزن تسمى خراريب ومفردها خرُّوبة، و تقدر قيمة وزنها بـ 0,194جم. وكان الغرض من ضرب هذه الخراريب هو توزيعها على عامة الشعب في المواسم والأعياد، كما ضرب الفاطميون نوعًا آخر من النقود التذكارية تسمى الغرة، وهي مجموعة من الدنانير والرباعيات والدراهم المدورة تضرب بأمر الخليفة في العشر الأواخر من ذي الحجة.

ومن الجدير بالذكر أن الخلافة الفاطمية إبان ظهورها في بلاد المغرب عام (297هـ، 909م) على أنقاض دولة الأغالبة، قد ضربت نقودها على طراز العملة العباسية إلى جانب اسم الخليفة عبيدالله المهدي أول الخلفاء الفاطميين. وفي عام (358هـ، 669م) أمر الفاطميون بإحداث تغيير جذري في طراز العملة من حيث التصميم؛ فقاموا بنقش كتاباتهم في ثلاث دوائر متحدة المركز، تسير في عكس اتجاه عقارب الساعة بدلاً من الترتيب الأفقي، الذي كانت تنقش عليه كتابات العربية منذ عهد الخليفة عبدالملك بن مروان. وكان الهدف من وراء هذا الطراز الفاطمي الجديد هو التأكيد على حق الفاطميين المطلق في الخلافة.

العُملة الأيوبية والمملوكية :
بسقوط الخلافة الفاطمية في سنة (567هـ، 1171م) وانتقال الحكم إلى الأيوبيين، عمل هؤلاء في بادئ الأمر على إصدار عملتهم الذهبية على طراز العُملة الفاطمية ذات النقوش الدائرية، وذلك على مدى الثلاثين سنة الأولى من حكم الأيوبيين. ولما تولى السلطان العادل في عام (596هـ،1200م)، أعاد إصدار العُملة على غرار العُملة التقليدية أي نقش النصوص الكتابية في سطور أفقية احتلت وجه العُملة وظهرها، كما أدخل السلطان العادل بعض التعديلات على العُملة منها تسجيل اسمي السلطان والخليفة العباسي وألقابهما بالخط الكوفي، بدلاً من الشهادة وسورة الإخلاص في الطراز التقليدي، مع الإبقاء على الأطر الخارجية التي بدأت تنحسر تدريجيًا حتى اختفت تمامًا.

وفي عهد السلطان الكامل (622هـ، 1225م)، استبدل خط النَّسْخ بالكتابات الكوفية التي كانت تنقش على العُملة الأيوبية. وفيما عدا ذلك، لا نعرف تغيرًا آخر طرأ على الدنانير الأيوبية وذلك على كل من السكة الفضية والنحاسية التي تعرضت لكثير من التغيير والتعديل.

أما في العصر المملوكي، فقد حافظ المماليك الذين ورثوا الدولة الأيوبية، التي أخذت تتسع على حساب الهامش الخارجي، حتى أصبحت تملأ وجهي العُملة بالكامل.

ومن أمثلة هذا الطراز العُملة التي ضربها السلطان الناصر محمد بن قلاوون (724هـ، 1323م).

وقد تضمنت نقوش العُملة المملوكية اسم السلطان ولقبه، بالاضافة إلى مكان الضرب وتاريخه وشعار السلطان الذي كان يُنقش أحيانًا في أعلى النص أو أسفله. أما ظهر الدينار المملوكي فكان ينقش عليه عبارة دينية، تتألف عادة من الشهادة وفقرة من آية قرانية.

ومن الملاحظ أن العُملة المملوكية أصبحت تخلو تمامًا من الإشارة إلى اسم الخليفة العباسي، مع أن السلطان الظاهر بيبرس البندقداري كان قد استقدم إلى القاهرة أحد أبناء البيت العباسي، وبايعه بالخلافة في سنة (659هـ، 1261م) أي بعد سقوطها في بغداد بنحو ثلاث سنوات، وخطب له على المنابر، ونقش اسمه على السكة.

وكان زوال عصر الخلافة الإسلامية إيذانًا بظهور دول مستقلة في شرقي العالم الإسلامي وغربيه، حرصت كل منها على سك عملة مستقلة بأسماء سلاطينها أو حكامها، ونقشوا عليها شعاراتهم وعبارات تحوي دلالات دينية وعقائدية مختلفة.

ومع التطور الذي طرأ على كل مظاهر الحياة، فقد اندثرت هذه العملات شيئًا فشيئًا لتحل محلها عملات ورقية، تعد سندًا بقيمة العملة، ثم تطورت هذه العملات الورقية في الشكل والحجم حتى أصبحت بالشكل الذي نعرفه اليوم

//////////////////////////////////////////////////////////

نماذج من العناصر المعماريه فى العماره الاسلاميه

المآذن
كانت المساجد الأولى التى بنيت فى عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وفى عهد الخلفاء الراشدين بغير مآذن،ثم اضيفت إليها المآذن لتكون مكانا مرتفعا ينادى فيه المؤذن للصلاة وقد تفنن المعماريون فى أشكال المآذن ودوراتها حتى أخذت أشكالا مختلفة حسب البلاد والأزمنة،وأصبح لكل إقليم من الأقاليم الإسلامية طراز خاص من المآذن ينسب اليه
ففى شمال أفريقيا والأندلس انتشر طراز من المآذن على شكل البرج،ومن أمثلتها مئذنة جامع سيدى عقبة بالقيروان،ومئذنة جامع قرطبة بالأندلس.
وفى مصر تطورت المآذن،وأخذت المأذنة المصرية شكلها المتميز فى العصر المملوكى وهى ذات قاعدة مربعة مشطوفة الأركان العلوية لتأخذ شكلا مثمنا،ثم نجد الدورة الأولى،ثم يستمر بناء المأذنة مثمنا أيضا ونجد دورة أخرى ثم يتحول البناء الى شكل اسطوانى يحمل خوذة محمولة على أعمدة.وأغلب المآذن فى مصر وسوريا ذات أدوار ثلاثة:الأول مربع والثانى مثمن والثالث إسطوانى
وفى الطراز التركى تكون المنارة مستديرة وممشوقة وتنتهى فى أعلاها بمخروط مدبب،ومن أمثلتها منارة جامع محمد على بالقلعة،أما مآذن ايران فعلى شكل اسطوانة رشيقة ليس لها دورة للمؤذن لأنها لم تكن تستعمل للآذان،وتنتهى من أعلاها بردهة تقوم على مقرنصات.وفى الهند تكون المآذن اسطوانية تضيق كلما ارتفعت وتزينها شرفات وتضليعات.

القباب
عرفت القباب فى العراق القديم ومصر ولكنها قباب صغيرة،ولكن القباب استكملت عظمتها فى الطراز البيزنطى.وتعتبر القاهرة متحفا للقباب،نراها أحيانا فوق مدخل رواق القبلة أو فوق المحراب أو على الأضرحة،وتمتاز بارتفاعها وتناسق أبعادها وزخرفة سطحها بزخارف بارزة متنوعة.والقبة فى الطراز التلركى عاى شكل نصف كرة،وفى إيران والعراق تأخذ شكل بصليا،وتغطى ببلاطات القاشانى،وفى أفريقيا كانت على شكل نصف كرة وليس لها زخارف خارجية

العقود
استعمل المسلمون أنواعا مختلفة من العقود،وكان المعماريون فى بعض أنحاء العالم الإسلامى يفضلون أنواعا خاصة ويقبلون على استعمالها.
ومن العقود التى استخدمها المسلمون العقد نصف الدائرى والعقد المدبب أو ذو المركزين،والعقد الفارسى الذى ينتهى انحناؤه بخطين مستقمين،والعقد ذو الفصوص الذى كان يستخدم كحلية فى البوائك الصماء.ومن العقود الجميلة العقد المزخرف بالمقرنصات ونجده فى الطراز المغربى الأسبانى.

الأعمدة
كان المسلمون يستعملون فى مبانيهم فى أول الأمر،أعمدة منقولة من المبانى الرومانية القديمة،ثم أبدع المعماريون المسلمون أنواعا جديدة،بعضها اسطوانى وبعضها مثمن وتيجانها تشبه زهرة الرمان عند تكوينها للثمر،وبعضها يشبه القلة،وتكثر هذه الأعمدة فى مساجد مصر وبخاصة فى المحراب،وفى الأندلس ابتكر المعماريون عمودا له تاج أسطوانى تعلوه كتلة مزخرفة بأشكال نباتية،وفى بعض الأحيان يضم عمودين بجانب بعضهما يحملان تاجين ملتصقين،كما فى صحن السباع بقصر الحمراء بغرطانة،ويوجد عمود له تاج على شكل هرم ناقص ومقلوب،زخرفت جوانبه بحليات المقرنص.

المقرنصات
زخارف معمارية نجدها بارزة ومدلاة فى صفوف مرصوصة فوق بعضها فى واجهات المساجد أو تحت دورات المآزن أو فى تيجان بعض الأعمدة أو فى القباب من الداخل بين أركان القاعدة المربعة وسطح الدائرة.وقد استخدمت المقرنصات أيضا فى الأسقف الخشبية.

الأبواب
أهتم المسلمون بالأبواب على أساس أنها عنصر معمارى هام،فصنعت الأبواب الخشبية بالبرونز أو كسيت بصفائح النحاس المخرم تخريما زخرفيا على أشكال نجوم هندسية،وأحيانا نرى فى وسط الزخارف النباتية أشكالا لحيوانات تخفيها غزارة الوحدات النباتية... كما توجد مجموعة كبيرة غاية فى الجمال من سماعات الأبواب

//////////////////////////////////////////////////////////
 
تطور المنازل فى مصر

منازل الفسطاط:
كانت البيوت فى الفسطاط رغم اختلاف تاصيل تصميماتها ومساقطها الافقيه تنقل الينا احساسا بالتجانس من حيث العناصر المعماريه, حيث انها كانت تتألف من عده وحدات مخصصه للسكن والمعيشه اليوميه اهمها وحده الاستقبال لتى تتكون من فناء مربع مسقزف يقام فى احد جوانبها او الجوانب الاربعه ايوانات مخصصه للجلوس تطل على الفناء وكانت تحتوى احيانا على ملاقف للهواء ومقاعد للجلوس وسلسبيل ونافوره , كما كانت مدخل هذه البيوت منكسره بزاويه قائمه حتى تحافظ على خصوصيه اهل البيت المقيمين بداخله وتخفى ما بداخل الدار عن السا~لين فى الطريق كما زودت ايضا بعض هذه الدور بممرات داخليه تمكن اهل الدار من التنقل بين اجزاء البيت المختلفه دون المرور بالفناء الاوسط المكشوف للحفاظ على خصوصيه القاطنين فى الدار فى اثناء وجود زوار موجودين بالدار , كما عثر فى البعض الاخر على خزانات المياه تحت الارض لتوفير المياه لسكان المنزل , وقد حرص المهندس العربى على تخفيض شده الحر بطرق مختلفه مثل ( اقامه اللاقف الهوائيه _ اقامه النوافذ المغشاه بالمشربيات المصنوعه من الخشب الخرط _ والنافورات )
ويذكر البروفيسور كريزويل ان هذه البيوت مستوحاه من البيوت الموجوده فى العراق وسوريا ويرجع هذا الارتباط الموجود الى ما قبل فتح العرب لمصر , ويذكر بعض المؤرخين ان بيوت الفسطاط كانت مكونه من عده طوابق حيث كان معظمها من خمس الى سبع طبقات وربما سكن فى الدار الواحده الكثير من الناس .
ومن اهم الدور التى شيدت فى الفسطاط دار عمرو بن العاص سنه 21 هجريه ثم دار عبد العزيز بن مروان والى مصر من قبل اخيه الخليفه عبد الملك بن مروان ثم دار صالح بن على التى انشأه فى مدينه العسكر شمالى الفسطاط .

البيت الطولونى :
كشفت دار الاثار المصريه 1932 م فى مدينه الفسطاط عن اطلال لمنازل من العصر الطولونى وجد من التحليل ان المبانى السكنيه فى العصر الطولونى كانت متاثره بالعماره فى العراق كانت المساقط الافقيه لهذه المساكن تنقسم الى نمطين اساسيين يتفق كل منهم فى وجود فناء رئيسى مستطيل او مربع الشكل رغم ان مساحه الارض لم تكن فى الغالب منتظمه الشكل , ويوجد بالفناء من جهه واحده سقيفه مكونه من ثلاثه عقود مرتكزه على دعامتين وهى تتقدم مجموعه من ثلاث غرف الوسطى عباره عن ايوان مغطى بقبو نصف اسطوانى ويوجد بوسط الفناء المكشوف فسقيهبها مياه وكان العامل الرئيسى المشترك فى كل نمطين هو استخدام الجناح التقليدى المكون من ايوان اوسط تكتنفه حجرتان وتتقدمه سقيفه .
المسقط الافقى للنمط الاول يتكون من جناحين تقليديين يقعان بالضلعين القصيرين للفناء المستطيل المكشوف بينما تقع الحجرات وعناصر السكن الاخرى على الضلعين الطوليين للفناء .
اما المسقط الافقى للنمط الثانى فيتكون من جناح تقليدى واحد فى احد الاضلاع بينما تم توزيع ايوانات عميقه او ضحله او حجرات على بباقى الاضلاع .
وعمل فى كلا النمطين مدخل منكسر للمنزل للحفاظ على الخصوصيه , ويعتقد ان الطابق الارضى فى هذه المنازل الطولونيه قد خصص للأستخدامات اليوميه , بينما خصصت الطوابق العليا للسكن والنوم ومعيشه اهل الدار , ووجد ان الماده الاساسيه المستخدمه فى البناء هى الاجر بينما استخدم الخشب فى الاسقف والجص فى البياض والزخارف .

البيت الفاطمى والايوبى :
تطورت الدور المصريه خلال العصر الفاطمى واستخدم الحجر فى بنائها بدل من الاجور ويتمثل هذا التطور فيما يلى :
1- تميزت الدور خلال القرن الاول من العصر الفاطمى بأستمرار ظهور التأثيرات الفارسيه والعباسيه يث كان يشتمل تخطيط الدار على فناء اوسط يتعامد عليه اربعة ايوانات واحتفظ الفناء بعنصر الرواق المستعرض والايوان والحجرتين خلفه بالشكل المعروف فى قصر الاخيضر فى بادية الشام وهذه العنصر يوجد غالبا بالضلعين القصرين المتقابلين بالفناء المستطيل واستعمل هذا التخطيط فى القصور الخلفاء والامراء حيث تتوفر فيها المساحات الواسعه وامكانيات لابد منها كما يتضح ذلك فى المسقط الافقى للقصر الغربى الصغير ( قصر ست الملك بنت العزيز بالله ) الذى بنى عليه بلمستان قلاوون , وبذلك يعتبر من اول امثله استعمل التخطيط المتعامد فى مصر كان فى دور الطولونيه واستمر واستعمله بعد ذلك فى الدور الفاطميه ثم تطور وتحول الجزء المتوسط من اوانات حول فناء اوسط الى قاعه مغطاه ذات اوانات جانبيه .
2- فى خلال القرنين التاليين فى هذه الفتره والتى تشمل النف الثانى من العصر الفاطمى وبدايه الايوبى بدأت القصور والدور تتطور نحو التغطيه وادماج القصر الرئيسى تحت تأثير صغر مساحه الدور عموما وظهر نتيجه لذلك تخطيط نموذج القاعات المغطاه الذى انتشر استعماله فى مختلف الدور, وقد اتخذ تخطيط العنصر الرئيسى بعد تغطيته شكلا موحدا وهو الجزء الاوسط المربع المنخفض ( الدورقاعه ) يتعامدان عليها ايوانان كبيران مغطيان بأقبيه او بأسقف مسطحه بسيطه مع جعل سقف الدورقاعه الوسطى مرتفعا عنهم وتغطيتها بسقف خشبى حتى يسمح بفتح الشبابيك لزياده الاضاءه والتهويه داخل القاعه ( الشخشخيه ) ويتمثل فى هذا النوع المتطور فى قاعه الدرديرى من العصر الفاطمى وقصر الصالح نجم الدين ايوب من العصر الايوبى .
3- وفى العصر الايوبى تم السماح للجميع بالبناء داخل اسوار القاهره مما تسبب فى ازدحامها بالدور والضغط على المساحات المخصصه للمبانى وزادت الرغبه فى الاستفاده الى اقصى حد من هذه المساحات المتاحه مما ادى الى صغر مساحه الوحدات ومكونات تخطيط المنازل بصفه عامه مما ساعد فى عمليه التوسيع فى الاتجاه الرأسى لاقامه طوابق علويه وتغطيه الوحدات بالدور الارضى .

البيت المملوكى البحرى:
روعى فى تصميم المسقط الافقى للمسكن توفير الخصوصيه بالانفتاح للداخل واستخدم المدخل المنكسر واحتوى الطابق الارضى على القاعه الارضيه ( المندره ) والخدمات والحواصن وغرف الخدم , وكانت القاعه تتكون من دورقاعه وايوانين اما الطوابق العليا فكانت تحتوى على قاعات ومخازن ومرافق .
كما راعت تصميم الفصل بين الرجال والنساء والاستفاده من الظروف المناخيه من حيث استخدام المشربيات والاحجار الجيريه فى بناء جدران وقبوات الطابق الارضى وفى الجدران الخارجيه , بينما استخدم الاجر فى الطوابق العليا والخشب فى الاسقف والرخام لتكسيات الارضيات والحوائط والجص فى البياض وشكلت الوجهات الخارجيه بحيث جائت معبره عن الفراغ من خلفها مع الميل الى الضخامه والاتساع والمبالغه فى الارتفاعات لاظهار الفخامه والعظمه واستخدمت النوافذ الطوليه فى اضيق الحدود .

البيت المملوكى الجركسى :
استمر نمط التصميم للمنازل المملوكيه البحريه خلال العصر المملوكى الجركسى ثم تدرجت عناصر القاعات الى الصغر فى المساحات والاحجام مع ازدياد الزخرفه بالنقوش الملونه والمكتابات المذهبه بما يتناسب مع مركز وامكانيات صاحب الدار وكذلك استعمال المواد الثمينه فى البناء , واستخدمت حلول معماريه لتناسب ظروف البيئه المصريه حيث روعت الخصوصيه للمساكن عن طرق الانفتاح للداخل واستخدام المداخل المنكسره واحتواء الطابق الارضى على قاعات الاستقبال الارضيه ( المندره ) والحواصل وغرف الخدم وغرف الخدمات بينما احتوت الطوابق العليا على قاعات وغرف السكن والمعيشه والنوم .

البيت العثمانى :
قامت الفكره التصميميه على مبدأ الانتماء للداخل والالتفاف لعناصر المنزل حول فناء داخلى لتوفير الخصوصيه للمسكن استمرارا لما كان سائدا فى العصور السابقه واستخدام المداخل المنكسره , هذا وقد احتوى الطابق الارضى عاده على القاعه الارضيه ( المندره ) والتختبوشه والحواصن وغرف الخدمات اما الطوابق العليا فتحتوى على قاعات للمعيشه والنوم ومرافقها , ووجد بالطابق الاول فى الغالب مقعد مفتوح على الصحن وهذا قد روع فى تصميم المنزل الفصل بين الرجال والنساء وكذلك الفصل الراسى بين الطابق الارضى والطوابق العليا , وقد روعت الظروف المناخيه فى توجيه فتحات فى القاعات والحجرات واستخدام المشربيات والملاقف , هذا وقد اهتم المعمارى بالوجهه الداخليه وتشكيلها وزخرفتها حيث لها البساطه فى الوجهه الخارجيه وقد استخدم الحجر فى بناء الطابق الارضى وقبواته والحوائط الخارجيه بينما استخدم الاجر فى الطوابق العليا والمناطق الرطبه ( الحمامات والحواصل ) كما استخدم الحوائط المزدوجه فى بعض مناطق البناء , واستخدم الخشب فى الاسقف والمشربيات والرخام فى كسوه الارضيات والوزرات الرخاميه واستخدم الجص فى بياض الجدران

//////////////////////////////////////////////////////////

اقدم نقش اسلامى مؤرخ .... اكتشاف جديد












سجلت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" النقش الأثري الأول من نوعه الذي قدمه مكتشفه السعودي الدكتور علي إبراهيم غبان أستاذ الآثار الإسلامية بقسم الآثار والمتاحف بجامعة الملك سعود والذي يحوي أول نقش إسلامي مكتشف بالمملكة يعود تاريخه لعهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويحمل اسم "نقش زهير" وقد سجلت اليونسكو النقش مؤخراً في سجل ذاكرة العالم بناء على توصية اللجنة الاستشارية الدولية لبرنامج "ذاكرة العالم" في اجتماعها السادس بجمهورية بولندا. وبهذه المناسبة وجه مساعد مدير عام اليونسكو للاتصال والإعلام السيد عبدالواحد خان رسالة لمعالي وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الأحمد الرشيد مفيداً فيها تسجيل هذا الاكتشاف الأثري الأول من نوعه بالمملكة في سجل الذاكرة واصدار شهادة موقعة من المدير العام لمنظمة اليونسكو تشهد بذلك واعتماده لهذا النقش الإسلامي القديم (الكوفي) في سجل ذاكرة العالم والذي تحتفظ به وكالة الآثار والمتاحف بالمملكة وقال فيها سعادته:
وبهذه المناسبة يسعدني أن أرفق هذه الشهادة وأؤكد ان ادراج هذا التراث الوثائقي في سجل الذاكرة يعكس قيمته النادرة ويتطلب حمايته لفائدة البشرية. وقدم السيد عبدالواحد مقترحاً باقامة حفل يليق بهذا الاكتشاف الأثري الهام
.
عثر على النقش المشار إليه ضمن مجموعة من الكتابات المدونة على الواجهات الصخرية الواقعة إلى الجنوب من قاع المعتدل شمال شرق محافظة العلا على طريق التجارة والحج الذي يربط الحجر (مدائن صالح) بالمابيات (قرح قديماً) التي تبعد عن العلا بمسافة ( 18كيلاً) باتجاه الجنوب، ويمر الطريق بين السلاسل الجبلية الواقعة إلى الشرق من محافظة العلا.
نفذ نقش زهير على واجهة صخرية من الحجر الرملي، ويتكون من ثلاثة أسطر غير متساوية الطول: الأول منها طوله ( 50سم)، والثاني ( 215سم) والثالث ( 54سم)، ويشغل مساحة مكتوبة أبعادها (215* 50سم)، ونفذ بطريقة الحز السطحي
.
قراءة النقش:
1- بسم الله
.
2- أنا زهير كتبته زمن توفي عمر سنة أربع
3- وعشرين
ويعد هذا النقش أقدم نقش إسلامي مؤرخ حتى الآن. ويلاحظ ان التاريخ كتب (سنة أربع وعشرين) بشكل واضح ويوافق هذا التاريخ بالميلادي سنة 644م، ولعل عمر المشار إليه في النقش هو الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ الذي توفي في آخر ليلة من شهر ذي الحجة من سنة 23ه ودفن في اول المحرم من سنة 24ه
مناقشة تاريخ النقش
يمكن جعل الجزء الأول من جملة التاريخ: "كتبت زمن توفي عمر دليلاً آخر على أصالة النقش، وصحة تاريخه، ونفي افتراض أن يكون كاتبه أهمل اضافة رقم المئات بعد العشرات في الجزء الثاني من جملة التاريخ "سنة أربع وعشرين"، كما يفعل في العصور المتأخرة من اهمال ذكر الألف بعد المئات عند كتابة التاريخ؛ لأن تاريخ وفاة أشهر من حمل أسم عمر في تلك الفترة - وهو الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه - يقع في نهاية سنة ثلاث وعشرين. وبداية سنة أربع وعشرين - هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى فإن كلمة توفي التي استخدمها كاتب النقش تؤكد أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - طعن ولم يمت على الفور، بل بقي أياماً ثم توفي، وهي الصيغة التي ترد في عدد من المصادر التي تحدثت عن وفاة عمر، وسنة أربع وعشرين في موقعها من النص تحتمل دلالتين: أحدهما سنة وفاة عمر رضي الله عنه، والاخرى سنة كتابة النقش
.
إن الجزء الأول من جملة التاريخ: "كتبت زمن توفي عمر" يعد أهم جزء في النقش، ولو لم يرد في النص لفقد النقش جانباً كبيراً من أهميته التاريخية، فكل كلمة في هذا الجزء لها دلالة مهمة، فالفعل "كتبت" يؤكد ان النقاش كتبه صاحبه زهير، ولم يكتب له، وكلمة "زمن" تشير إلى حادثة وفاة عمر رضي الله عنه، والفعل "توفي" يؤكد أن عمر المذكور بعده هو الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والاسم "عمر" يؤكد صحة التاريخ الهجري: "سنة أربع وعشرين" الوارد بعده، كما أن الجزء الثاني من جملة التاريخ: "سنة أربع وعشرين" مهم أيضاً فقد ساعد على توضيح شخصية عمر، وحدد تاريخ كتابة النقش بسنة معينة
.
إن التاريخ بالاحداث المهمة أمر معروف عند العرب منذ القدم، ومن أمثلته المشهورة عام الفيل، كما أن الجمع في تاريخ النقوش بين الحدث والسند له أمثلته من فترة قبل الإسلام، كنقش حران والذي أرخ بالتاريخ بحادثة خراب خيبر
.
وقد استمرت هذه العادة في القارة الإسلامية، ويمكن القول: انها لم تتوقف في التاريخ الشفهي حتى الماضي القريب، كما تجدر الاشارة إلى أن استخدام التاريخ بدأ على الارجح في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في السنة السادسة عشرة للهجرة، وقبل السابعة عشرة، وأن أي وثيقة إسلامية تحمل تاريخاً هجرياً قبل هذه السنة يحتمل احتمالا كبيراً أن تكون غير صحيحة
.
أهمية النقش بالنسبة للدراسة تطور الخط العربي
:
تبرز أهمية نقش زهير بالنسبة لدراسة تطور الخط العربي من عدة وجوه
:
كونه مؤرخاً بسنة أربع وعشرين للهجرة، وهذا التاريخ لم يظهر من قبل في النقوش العربية والإسلامية، مما يجعل نقش زهير اقدم نقش إسلامي مؤرخ يتم اكتشافه حتى الآن. وقد كان نقش سوش بمصر المؤرخ سنة ( 31هجرية) الأقدم تاريخياً بين النقوش العربية الإسلامية المؤرخة حتى اكتشاف هذا النقش، كما كان نقش الباثا المؤرخ بسنة أربعين للهجرة - ويقع بين مكة والطائف - اقدم النقوش العربية الإسلامية المؤرخة في المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية قبل اكتشاف نقش زهير، ويليه نقش عبدالله بن ديرام من وادي سبيل بنجران المؤرخ بسنة ( 46هجرية)، ثم نقش الخشنة، ويقع على درب زبيدة بالقرب من مكة، وهو مؤرخ بسنة اثنتين وخمسين للهجرة، ثم نقش معاوية المنفذ على سد سيسد بالطائف، وهو مؤرخ بسنة ثمان وخمسين للهجرة، ثم تتوالى النقوش المكتشفة في المملكة وخارجها، والمؤرخة ببقية سنوات القرن الأول الهجري
.
كونه ثاني أقدم وثيقة كتابية إسلامية مؤرخة يعثر عليها حتى الآن، إذ أن الوثيقة الأقدم منه بسنتين في تاريخها، وهي بردية اهناسية المؤرخة بسنة اثنتين وعشرين للهجرة. وبردية اهناسية عبارة عن وصل على ورقة بردي حرره قائد فرقة من المسلمين لأهل أهنس بمصر، وتتحدث عن تسلم خمس وستين شاة منهم، والبردية مكتوبة باللغتين العربية واليونانية، وقد تم اكتشافها في سنة 1877م وهي محفوظة الآن في المكتبة الوطنية بفيينا (مجموعة رايتر رقم 558
).
وجود نقط اعجام على عدد من حروفه، وهي النقط التي تميز الحروف المتشابهة رسمياً، ونقط الاعجام ظهرت في بردية اهناسية المؤرخة بعام (22ه) وهو أقدم ظهور لها على الورق، وبعد ظهورها في نقش زهير اقدم ظهور لها في النقوش، وثاني ظهور لها في وثيقة مؤرخة من فترة صدر الإسلام. وفي السابق كان نقش سد معاوية بالطائف المؤرخ بسنة ثمان وخمسين هجرية اشهر النقوش العربية الإسلامية المنقوطة، وفيه سبعة عشر حرفاً منقطاً، غير أن نقش عبدالله بن ديرام من وادي سبيل بنجران فيه حرف واحد منقوط (باء كلمة "أربعين") وهو أقدم من نقش سد معاوية، حيث انه مؤرخ بسنة ( 46هجرية) إلا انه اقل شهرة. ويلي هذين النقشين نقش حفنة الأبيض بلواء كربلاء، وهو مؤرخ أربع وستين هجرية، وفيه خمسة حروف منقوطة .



//////////////////////////////////////////////////////////



مدرسة(جامع) السلطان حسن

• اسم الأثر: مدرسة(جامع)السطان حسن. (انظر الشكل(1)).
• المنشىء: السلطان الملك الناصر حسن وقد ولد سنة(753هـ/1335م) وظل فى السلطة حتى توفى ولا يعرف اين دفن ولا مكان قبرة وكان اختفاءة سنة (762هـ/1361م).
• التاريخ: (757هـ/1356م) .
• الموقع: ميدان محمد على ويعرف بميدان صلاح الدين تجاة باب العزب من قلعة صلاح الدين.
• نبذة عن المدرسة(الجامع): هى أضخم مساجد مصر عمارة وأعلاها بنيانا وأكثرها فخامة
وأحسنها شكلا. ولقد اختار السلطان حسن هذا الموقع بعد أن هدم ما كان بها من مبانِ قديمة وأراد لها أن تكون مدرسة لتدريس المذاهب الأربعة واستمر العمل ثلاث سنوات بلا انقطاع حتى احتفل بافتتاحها وصلى فيها الجمعة. ولقد أقيمت بها الدروس وعبن بها الموظفين والقراء وعين لها اماماً. ولكن أعمال البناء لم تكن قد اكتملت واستمر البناء تحت اشراف أميرة المخلص (الطواشى بشير الجمدار) حتى بعد اختفاء السلطان حسن.
والأعمال التى قام بها (الطواشى بشير الجمدار) هى بناء القبة الكبيرة التى تقع خلف جدار القبلة وتحمل تاريخ الفراغ منها (764هـ/1363م) . والكسوات الرخامية لأبواب المدارس المطلة على صحن المدرسة وتحمل نفس التاريخ، كما أتم قبة الفسقية بصحن المدرسة وهى قبة خشبية محمولة على ثمانية أعمدة رخامية وتحمل تاريخ الفراغ منها (766هـ/1375م). (انظر الشكل(19)).
• الوصف المعمارى: تشغل المدرسة مساحة كبيرة من الأرض فهى ما يقرب من فدانيين اذ تبلغ مساحتها(7906) متر مربع ،وهى على شكل مستطيل غير منتظم الاضلاع وهى خالية من جميع الجهات ولذلك فهى تحتوى على أربع واجهات.
والمدخل الرئيسى للمدرسة يقع فى الطرف الغربى للواجهة الشمالية ويبلغ ارتفاعة عند الباب حوالى (37.70) متر ، وقد حٌلى هذا المدخل من جانبية بالزخارف المتنوعة ويكتنف هذا المدخل حنيتان برأسيهما مقرنصات لبستا بالرخام الأحمر بأشكال هندسية وكٌتب أعلاها
بالخط الكوفى المزهر قولة تعالى ( انا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ) يعلوهما تربيعتان كٌتب على احداهما بالكوفى فى المربع ( لا اله الا الله – محمد رسول الله ) وبالأخرى اسماء الخلفاء الراشدين (ابو بكر- عمر- عثمان- على ).
اما فتحة باب المدخل فتوجد فى تجويف عميق تعلوة طاقية تنتهى بنصف كرة، وملئت منطقة الأنتقال من المربع الى الدائرة بصفوف من الدلايات بلغ عددها عشرون صفا وقد جمعت بعض هذة الصفوف على هيئة مثلثات مما اكسبها منظراً جميلأً. وربما كان متاثراً بزخارف الواجهات فى العمارة السلجوقية ولقد كان لباب المدخل مصراعات من الخشب المصفح بالنحاس المكفت بالذهب والفضة نقلهما السطان(المؤيد شيخ) الى مسجدة ويتوج المدخل الرئيسى ستة
صفوف من الدلايات تبرز عن سمات الواجهة بمقدار متر ونصف.
ويؤدى الباب الرئيسى الى مدخل مربع الشكل مكون من ثلاثة ايوانات مغطاة بمقرنصات يتوسطها قبة مكسية بالحجر الأحمر وبصدر هذا المدخل مسطبة حليت بالرخام الملون الملبس فى الرخام الأبيض ومن هذا المدخل يتوصل الى سلم ذى خمس درجات يؤدى الى دهليز معقود ينثنى دفعة واحدة الى اليسار وينتهى الى صحن المدرسة.
وتخطيط المدرسة(الجامع) متفق مع الطراز المملوكى ذى اربعة ايوانات متعامدة يتوسطها صحن فتكون ما يشبة بالصليب، فهو مكون من صحن مكشوف مساحتة حوالى (34.60×32) متر مربع تتوسطها ميضأة تغطيها قبة من الخشب محمولة على ثمانية أعمدة من الرخام (انظر الشكل (2)) ويقطع الصحن محوران متعامدان فى نهاية كل منهما ايوان وفى كل زاوية من زوايا الأيوانات الأربعة باب يوصل الى إحدى المدارس الأربع المخصصة لدراسة المذاهب الأسلامية الأربعة ، واكبر هذة المدارس مدرسة الحنفية اذ تبلغ مساحتها حوالى (898) متر مربع . وتحتوى بعض ايواناتها على شريط من الكتابة يحيط بصحنها وينتهى هذا النص الكتابى باسم المهندس الذى اشرف على عمارة مدرسة السلطان حسن وهو (محمد بن بيليك المحسنى) وأول من قرأ هذا الأسم هو المرحوم (حسن عبد الوهاب) 1944م.

////////////////////////////////////////////////////////// 

جامع أحمد بن طولون

• اسم الأثر: جامع أحمد بن طولون.
• المنشىء: الامير أحمد بن طولون.
• التاريخ: (263هـ- 265هـ/876م- 879م) .
* الموقع: حى الخضيرى بالسيدة زينب فى الجزء المتبقى من مدينة القطائع.
• نبذة عن الجامع: يقع جامع أحمد بن طولون فوق ربوة صخرية كانت تعرف باسم جبل يشكر نسبة الى رجل صالح كان يسمى يشكرا ونسبة الى (يشكر بن جزيلة) من قبيلة( لخم) وكانوا قد اتخذوا هذة البقعة لهم أقاموا فيها منازلهم عند تأسيس الفسطاط فى
عهد عمرو بن العاص، ويحتل جامع بن طولون أهمية خاصة بين الآثار الأسلامية فى مصر فهو ثالث مسجد بنى فى مصر الأسلامية بعد جامع عمرو بن العاص وجامع العسكر، وهو أقدم مسجد اسلامى فى مصر باق على حالتة الأصلية بالمقارنة بجامع عمرو الذى توالت علية الأصلاحات حتى لم يبق منة غير البقعة من الأرض التى أٌقيم عليها والتى تعتبر جزءا من ستة عشر من مساحة الجامع الحالية، ويعتبر ايضاً هذا الجامع من اكبر المساجد فى مصر حيث تبلغ مساحتة بالزيادات الخارجية فى أضلاعة الثلاثة فيما عدا ضلع جدار القبلة ليست بها زيادة خارجية، حوالى ستة أفدنة ونصف الفدان، كما انة بنى على طراز المساجد العباسية وبخاصة مدينة سامراء التى نشأ وترعرع فيها ابن طولون. وعندما اراد ابن طولون بناء الجامع قال مقولة شهيرة وهى (أريد أن ابنى جامع اذا احترقت مصر لا يحترق واذا غرقت لا يغرق).
• الوصف المعمارى: يتبع تخطيط جامع أحمد بن طولون تخطيط المساجد الأسلامية الجامعة على طراز مسجد الرسول (ص) فى المدينة المنورة والذى يتكون من صحن كبير تحيط بة الأروقة وأهمها رواق القبلة لما يحتوى علية من عناصر معمارية تساعد على وظيفة المسجد الجامع مثل المحراب والمنبر ودكة المبلغين أو المؤذنين.
ومساحة المسجد على شكل مربع حوالى (162.25×161.50) متر يشغل منة المسجد مع جدرانة مستطيل مقاسة حوالى (137.80×118.10) متر ويتوسطة صحن مكشوف مربع الشكل (انظر الشكل (1)) مساحتة حوالى (92.35×91.80) متر تحيط بة أربع أروقة أكبرها رواق
القبلة الذى يتكون من خمسة صفوف من البوائك عقودها المدببة محمولة على دعامات مبنية من الآجر مخلق فى أركانها أعمدة مدمجة، فى حين أن الاروقة الأخرى تحتوى على صفين من البوائك عقودها المدببة محمولة على نفس الدعامات سالفة الذكر.
ويحيط بالجامع من جوانبة القبلية والبحرية والغربية ثلاث زيادات وهى من المسجد ومثلها موجود فى جامع سامراء وجامع سوسة. وأسوارها عالية مرتفعة تتسم بالبساطة وتنتهى بعرائس(انظر الشكل (2)) وفٌتحت بها أبواب تقابل أبواب الجامع والتى عددها حوالى (21 باباً) ويوجد فى بعض الأبواب معابر خشبية قديمة بها زخارف مورقة.
وتجد الأشارة الى ان بطون العقود وحول النوافذ وعقودها وكذلك حول العقود زخارف جصية تمثل الزخارف الجصية فى العصر العباسى (طراز سامراء) موطن أحمد بن طولون الأصلى
وعلى وجة الخصوص زخارف الجوسق الخاقانى وهو قصر الخليفة العباسى المعتصم فى سامراء، والنوافذ ذات فتحات معقودة مدببة وبها زخارف هندسية ونباتية محفورة وتمثل أقدم الأمثلة من نوعها فى مصر الأسلامية.
ومحراب المسجد(انظر الشكل (3)) من المحاريب المجوفة يكتنفة عمودان من الرخام وهو على شكل تجويف نصف دائرى فى جدار القبلة ويغشى تجويفة من أسفل وزرات رخامية ملونة وبأعلى توجد زخرفة من الفسيفساء الزجاجية المذهبة قوامها عنصر الجديلة تحصر بداخلها كتابة بالخط النسخى هى عبارة التوحيد (لا اله الا الله محمد رسول الله) وتنسب هذة التغشيات الرخامية وشريط الفسيفساء الزجاجية الى الأعمال التى تمت فى عهد السلطان حسام الدين لاجين (696هـ/1296م). والتى منها ايضا المنبر الخشبى الى يمين المحراب(انظر الشكل (3)) وحشواتة المجمعة من خشب الساج الهندى المطعم بالعاج وسن الفيل وقوام زخرفتة أطباق نجمية وزخارف نباتية دقيقة مورقة(الأرابيسك) كذلك تغطى بلاطة المحراب قبة خشبية جميلة ايضاً تنسب الى السلطان لاجين (انظر الشكل (4)) .
وتتوسط صحن المسجد فسقية(انظر الشكل (1)) الموجودة الآن من أعمال السلطان لاجين وهى عبارة عن حجرة مربعة تغطيها قبة كبيرة ويتوسطها الفسقية من الرخام ويلفت النظر فيها وجود سلم فى سمك جدارها يوصل الى سطح قاعدتها المربعة. كما توجد
لوحة خشبية كٌتبت عليها الأعمال التى أجريت على يد السلطان حسام الدين لاجين بهذا المسجد وهى تقع بأعلى الجدار الخارجى المقابل لرواق القبلة وما تزال بقاياة حتى الآن.
أما عن المئذنة بهذا المسجد(انظر الشكل (5)) فهى تقع فى الزيادة الغربية ملاصقة لحائط الزيادة وبٌنيت من الحجر، وسلمها من الخارج بأربع قلبات يصعد منة الى سطح يلية سلم حلزونى نصف دائرى يوصل الى سطح آخر يرتكز علية الجزء العلوى وهو على هيئة مبخرة. ويبلغ ارتفاعها- المئذنة- من سطح الأرض حوالى (40.44) متر ويربط المسجد الشمالى الغربى قنطرة على عقدين من نوع حدوة الفرس وتنسب هذة القنطرة الى السلطان لاجين. وتعتبر هذة المئذنة الوحيدة ذات السلم الخارجى ومن ثم فهى تعرف بالملوية وهى دون أدنى شك متأثرة تأثراً كبيراً بمئذنة المسجد الجامع بسامراء المعروفة بالملوية.
• مراحل الأصلاح والتجديد: ومن أهم أعمال الأصلاح ما تم فى العصر الفاطمى والتى من أهمها ما أٌجرى فى عهد الخليفة المستنصر بالله الفاطمى وسٌجل ذلك فى لوح رخامى فوق باب بسور الزيادة البحرية (470هـ/1077م) على يد بدر الجمالى.
وكذلك من أهم أعمال الأصلاح والتجديد ما تم فى عهد السلطان حسام الدين لاجين (696هـ/1299م) وسبق ذكرة. وفى القرن التاسع عشر الميلادى ادركت لجنة حفظ الآثار العربية هذا الجامع وأتمت بة بعض أعمال الأصلاح والترميم وحتى فى بداية القرن العشرين كذلك، كما ينسب الى هيئة الآثار المصرية الحالة الجيدة التى يظهر فيها هذا المسجد الآن.
بقى أن نذكر نقطتين هامتين بالمسجد:
• الأولى : وتتعلق باللوح التأسيسى الذى عثر علية ضمن حفائر لجنة حفظ الآثار العربية بالصحن وكان عبارة عن قطع فرمم وجمع وثبت هذا اللوح الرخامى المكتوب بالخط الكوفى البسيط وبة أسم الأمير أبو العباس احمد بن طولون وتاريخ الفراغ من الجامع (265هـ/878م) على إحدى دعائم رواق القبلة(انظر الشكل (6)) بالبائكة الثالثة.
• الثانية : تتعلق بالمحاريب الجصية حيث يضم الجامع حوالى خمس محاريب جصية ففى منتصف البائكة الثانية مما يلى الصحن محرابان مسطحان من الجص الأيمن أفخمها وأحسنها
حفظاً ويرجع الى عهد الخليفة الفاطمى المستنصر بالله، والثانى وهو الأيسر فقد صٌنع على نمط الأول وأمر بصنعة السلطان لاجين، وفى منتصف البائكة الرابعة مما يلى الصن محرابان من الجص يغلب على الظن أنهما من القرن(4هـ/10م) ، والمحراب الخامس يقع الى يسار المحراب الرئيسى لجامع ابن طولون وهو من الجص ويرجع الى عصر المماليك حوالى القرن(8هـ/14م) ويسمى محراب السيدة نفيسة.